شاعت في زماننا قضية الخلافات بين الزوجات والحموات، وهي مشكلة زائفة أوقد نارها الإعلام بأفلامه ومسلسلاته، والتراث الشعبي بأمثاله وحكاياته، والبعد عن اتباع منهج الله سبحانه. كثير من المشكلات التي تنشأ بين الزوجات والحموات حلها بسيط، تملكه الزوجة كما تملكه الحماة، فقد تكون أول درجة من درجات هذا الحل تحية صادقة ومصافحة حارة.
من نعم الله على خلقه نعمة الزواج، وتكوين أسرة سعيدة، وتنشئة جيل جديد، وهذه العلاقة التي تنشأ بين الزوجين يمتد أثرها ليشمل جميع أفراد أسرتيْ الزوجين، فتنشأ بين الأسرتين المودة والرحمة والتلاحم فيصيران أسرة واحدة، ولذلك حرم الإسلام بسبب المصاهرة أم الزوجة، ولا يشترط في تحريم أم الزوجة الدخول بالزوجة بل مجرد العقد عليها يحرمها، فقد جعلها الإسلام بمنزلة الأم بمجرد العقد على البنت ليقطع بذلك أية شبهة في نفس هذا الوافد الجديد على البيت.
وعلى الرغم من هذه المكانة العظيمة للحماة في الإسلام إلا أننا نجد مشكلات كثيرة تتعرض لها البيوت بسبب العلاقة بين الحماة والزوجة.
رأي علماء النفس والاجتماع: يرجع بعض علماء النفس والاجتماع مشكلة الحموات والزوجات إلى جانبين:
الجانب الأول: مشاعر الأزواج
كثير من الناس لديهم فكرة سيئة عن الحموات، وقد يزيد الأسلوب الذي يتناول به كل من الأزواج والحموات هذه العلاقة أو يخففها. ومن الأسباب التي تؤدي بالأزواج إلى الضيق بالحماة حتى لو كانت تصرفاتها فوق الشبهات الأمور التالية:
الأمر الأول: في بعض الأحيان تمثل الحماة النموذج الذي لا تستطيع الزوجة أن ترقى إلى مستواه، أو تحققه، وقد يرى الزوج أن المائدة أو الطعام الذي كانت تعده له أمه أفضل مذاقاً وأقل إنفاقاً، ولا يكون الطعام في الواقع سوى رمز لصورة الأم في نظر الزوج.
الأمر الثاني: كثير من الأزواج والزوجات يشعرون بأنهم لم يجدوا من يفهمهم أو يمنحهم التقدير في طفولتهم، ولذلك ينظر الزوج أو الزوجة إلى الحماة في صورة الأم التي نغصت عليهم حياتهم في مرحلة طفولتهم، كنوع من تحويل مشاعره تجاه الأم إلى الحماة وبذلك تصبح الحماة كبش فداء.
الأمر الثالث: ميل الأزواج والزوجات إلى توجيه اللوم إلى الحماة واعتبارها مسؤولة عن كل ما يحدث من متاعب بين الزوجين، فتأخر الزوجة في إعداد العشاء يرجعه الزوج إلى سوء تدريب أمها وإعدادها للحياة الزوجية.
الجانب الثاني: مشاعر الحموات
قد تشعر الحماة برفض ومقاومة لا شعورية وتوترات نحو الأشخاص الذين يتزوجون من أولادها. وقد تؤثر في الحماة وتؤدي إلى اضطرابها ثلاثة مشاعر مختلفة:
الأول: يعتبر الأبناء الكبار استثماراً نفسياً هائلاً، ولذلك لا تشعرالحماة دائماً بالفرحة والابتهاج نحو الأشخاص الذين سلبوا أولادها.
الثاني: من ناحية أخرى فإن الحماة التي كرست ووهبت نفسها للإشراف على أولادها ورعايتهم لسنوات طويلة، يتعذر عليها بعد كل ما بذلت من جهد أن تسلم بأن مثل هذه الفتاة الساذجة التي لم تتحمل في حياتها قسطاً من المسؤولية، جديرة بالعمل الجاد ورعاية ابنها، أو ترى أن هذا الشاب الباهت الشخصية غير أهل لرعاية ابنتها والوقوف إلى جانبها.
الثالث: قد تختلف الحماة مع زوج ولدها "الابن أو البنت" في بعض الأفكار والقيم والمعايير، ورغم ذلك قد تكون تصرفاتها وعاداتها وميولها السوية من العوامل التي تؤدي إلى نوع من التفاهم والمودة